3:10 to Yuma [ نقاش فيلم ] .. !

طبعا اللي ما شاف الفيلم لا يكمل عشان ما تزعجنا خربتوا علي وما خربتوا علي .. ..







فيلم 3:10 إلى يوما للمخرج جيمس مانغولد يبدو مستعداً ليدخل موسم الجوائز ويخرج منه بأكثر من فوز وترشيح وتحديداً في مجال التمثيل حيث قدم امتيازاً حقيقياً على هذا الصعيد بالإضافة إلى أمتيازات أخرى على أصعدة النص والإخراج الفني والموسيقي والأزياء والتصوير والمونتاج والإخراج بشكل عام ،ربما أفضل ما نستطيع وصف فيه هذا الفيلم هي كلمات الناقد إيد كاربينتر الذي وصفه بأنه (أفضل فيلم وسترن منذ لا يغتفر) أو ما قاله عنه الناقد مايك لاسيل (وسترن كلاسيكي مع صناعة حديثة ممتازة) ومنحاه الدرجة الكاملة (A ) كما فعل النقاد روجر إيبرت و تاي بور و جون بايني الذي قال عنه: (جذّاب ومذهل) ليكون الفيلم من أبكر الأفلام التي نالت هذا الإجماع النقدي بالإضافة طبعاً إلى رائعة بيكسار Ratatouille ، إن وصف رائعة مانغولد هذه بأنه أفضل فيلم وسترن منذ لا يغتفر لا يأتي فقط بسبب عدم وجود أفلام وسترن مذهلة خلال الخمس عشر سنة السابقة بل لأن مانغولد يقدم فعلاً عملاً ممتازاً وناضجاً جداً من خلال فيلمه هذا فمحبي أفلام الوسترن سيعثرون بهذا الفيلم على ضالتهم المنشودة حيث يحوي كل ما يتمنوا أن يشاهدوه عن عالم الغرب، ليسوا هم فقط بل عشاق الدراما الناضجة سيجدون في الفيلم ما يبهجهم ويمتعهم، الفيلم إعادة تصنيع لفيلم كلاسيكي عرض في الخمسينات وقد نجحت النسخة هذه المرة بتجاوز الأصل بدرجات ووضعتها خلف ظهرها فالمخرج مانغولد أبى أن يجعل فيلمه مجرد فيلم مغامرات تقليدي عن الغرب بل ملئه بدراما راقية مؤثرة عن دان إيفانز (كريستيان بال) المحارب السابق صاحب القدم الواحدة ورجل العائلة المكافحة الذي يتطوع لإيصال قاطع الطريق والمجرم بين ويد (راسل كرو) إلى محطة القطار لينقله على متن قطار الساعة 3 و 10 دقائق إلى مدينة يوما حيث سيحاكم هناك على جرائمه، الرحلة لن تكون سهلة فبين ويد شيطان يرتدي ثياب إنسان قد يستغل أي فصة للهرب والفتك بمن معه وهناك عصابته بقيادة الشرس تشارلي برينس (بين فوستر) تسعى لإنقاذ زعيمها في حين لا يوجد لمساعدة إيفانز سوى أبنه المراهق المضطرب المهووس ببطولات الغرب ويليام (لوغان ليرمان) والطبيب البيطري بوتير (ألان توديك) و مندوب شركة سكة الحديد التي تحاكم ويد باترفيلد (دالاس روبيرتس) و رجل الغرب العجوز بورن ماكلوروي (بيتر فوندا) وشريف القرية مارشال ويذرس (لوس راين) ، وهكذا على مدى ساعتين تقريباً سنعيش ضمن جو مثير ومقلق من المغامرات التي لا تتوقف تعيدنا إلى أيام جون فورد وسيرجيو ليوني حيث تفنن مانغولد بتقديم إثارة وعنف غربي تقليدي أصيل مع إضفاء لمسة من الحداثة التي لم تعكر نسيج اصالة فيلمه الممتعة بل زادته تماسكاً، الفيلم كما ذكرت لا يقتصر على المغامرات والإثارة بل هناك دراما راقية متقنة تقودنا إلى نهاية دراميا مؤثرة مثيرة للعواطف بلا إبتذال أو تصنع أو تعمد إثارة الدموع دراما لا تعتمد على الأحداث بل تعتمد على بناء الشخصيات وعلاقاتها فيما بينها فلم تصنع كل شخصية بصورة عبثية بل كل شخصية كانت مكملة للأخرى ومساهمة بصنع الحدث الدرامي وبقيادة أحداث العمل، فبين ويد رجل الغرب القوي قاطع الطريق المجرم هو في نفس الوقت شخص مرهف الأحساس ورسام بارع لبق معسول اللسان يعرف كيف يؤثر باللذين يتحدث معهم حتى أعدائه يظهر أسنانه فتحسبه يبتسم ولكنه مستعد باللحظة غفلة أن يقلب أبتسامته الخادعة إلى تكشيرة ذئب ضاري هو فعلاً شيطان حقيقي بملابس إنسان ، هذه الشخصية تؤثر على وليام إيفانز ابن دان الذي يرى بويد تجسيداً حياً لأبطال الغرب الذين كان يقرأ عنهم ويحلم أن يكون معهم ويرى فيه نقيداً لوالده العاجز الضعيف مما يثير شعور دان باحتقاره لذاته فهذا المحارب الذي فقد ساقه في الحرب ويعاني من ضغوط مادية عديدة أصبح يشعر إن حياته بلا قيمة وأنه الآن ليس سوى شخصية تافهة لا يستطيع إرضاء عائلته أو أن يحوز على احترامهم، يحن لأيام الجيش التي كان يشعر فيها بقيمة وهدف لحياته يرضى بالتصدي لمهمة نقل ويد إلى السجن ليس طمعاً بالمال الذي سينتشله من فقره بل لأنه سيقوم بعمل له قيمة وفائدة، هو شخصية يائسة تطمح ببعض الكرامة والاحترام من ابنه الذي يغيظه أن يراه مفتوناً بشخص كويد وهو مستعد ليضحي بحياته مقابل أن يرى نظرة الإعجاب بعين ولده توجه إليه لا إلى شخص كويد، وهكذا بين صراعات الشباب واحتقار المحارب لنفسه وخبث المجرم الشيطاني نرى هذا النسيج الدرامي الراقي والرائع جداً الذي نسجه هالتسيد واليس ودريك هيز باقتدار فقدما بناء راقي ومحكم للشخصيات وللعلاقات فيما بينها وحوار مميز جداً وتسلسل مشوق للأحداث في حين تصدى لشخوص النص مجموعة من الممثلين الممتازين راسل كرو بدور (بين ويد) يقدم أحد أفضل أدواره، أداؤه شرير واستفزازي جداً ينجح بتسخير جميع عناصر جسده بدءً من لهجته وصوته ونظراته ليعطي الإحساس بوجود شيطان بشري مرهف الأحساس على الشاشة أداؤه يذكرنا بجاك نيكلسون أيام شبابة بنوعية مشابهة من الأدوار، راسل كرو يجتهد ليعطي الشخصية نفس إنساني عالي يجعلنا نشعر إن ويد كان يتمنى أن يكون له عائلة محبة وحياة شريفة كإيفانز ولكن شروط حياة الغرب غلبت عليه .
أما كريستيان بال بدور (دان إيفانز) فيقدم إنجاز تمثيلي رائع جداً يصعب الوصف إنه بالتأكيد أفضل أدواره فنجم أفلام الميكانيكي وباتمان والبرتسيج يمسك الشخصية بقوة طوال العمل وينجح بإيصال أحاسيسها ومشاعرها وصراعاتها للمشاهد طوال الوقت حتى خلال صمته معتمداً على نظراته المتعبة اليائسة، هذه النظرات مع صوته الضعيف وملامحه المنهكة يقدمان الكثير للشخصية ينقل للمشاهد الأحساس بهذا البطل المحارب اليائس الذي يشعر باحتقاره لذاته وقد عثر على نافذة ليعبر منها إلى بعض الكرامة، هو رائع جداً حين يدمج بين اليأس والأمل خلال حديثه بمشهد واحد يرينا جانب جديد أكثر إنسانية لشخصية البطل، فهذا الرجل لم يختر البطولة بإرادته بل اختارها لأنها الطريق الوحيد ليصل إلى احترامه لذاته.





مع كريستيان بال وراسل كرو هناك بين فوستر بدور (تشارلي برنس) الذي يشعرنا بحضور قوي وطاغي جداً ومخيف جداً يظهر كشخص غرائزه الوحشية مسيطرة عليه أما بيتر فوندا بدور (بورن ماكلوروي) فيقدم أداء كلاسيكي لأبطال الوسترن التقليدين أداؤه كلاسيكي قوي ومتقن وممتاز، غريتشين مول بدور أليس زوجة إيفانز تقدم أداء جيد كنت أتمنى لو استعت مساحة دورها أكثر، لوغان ليرمان بدور (ويليام إيفانز) أداؤه جيد جداً يبرز لنا موهبة عالية لها مستقبل جيد.







المخرج جيمس مانغولد الذي قدم قبل عامين الفيلم المميز (Walk The Line ) يقدم بهذا العمل امتيازاً فنياً عالياً يحرص طوال العمل على تأكيد الطابع الكلاسيكي الأصيل لأفلام الغرب القديمة وسخر كل فنيات عمله لتحقيق هذه الغاية، وفي نفس الوقت يحرص على تأكيد جو الخطر والتوتر في العمل حتى لتشعر بالخطر يحيط بك، مانغولد الذي كان فيلمه السابق عن سيرة مغني تلعب الموسيقى دور كبير جداً في فيلمه يجعلها عنصر أساسي بصنع التوتر والإثارة لا مجرد حركة تجميلية، أما التصوير يلعب دور كبير بإطفاء الطابع الكلاسيكي التقليدي الأصيل للفيلم ما إبراز جوانب جمالية طبيعة الغرب، المونتاج جيد بشكل عام وممتاز جداً في بعض المشاهد بالأخص بصنع إثارة المعركة الأخيرة، هناك أمتياز على صعيد الإخراج الفني والمكياج والملابس التي تجعل لكل ممثل شخصية مستقلة ومنفردة عن غيرها، فيلم 3:10 إلى يوما فيلم مسلي ممتع مثير درامي عاطفي وممتاز جداً .





الفيلم أكثر من رائع .. تقييمي الشخصي : 8,1 من 10